لحظات في اواخر شهر شعبان

ما قدمه الإنسان من أعمال طوال العام معروض الآن بين يدي الجبار، ينظر في أولها وآخرها في يمناها ويسراها في أوسطها وفي آخرها،ينظر في اليوم تلو اليوم ، وفي الجمعة تلو الجمعة، وفي الشهر تلو الشهر فلا يجد إلا شرا مستطيرا!!
تعرض الصحيفة على الله ، فلا يجد إلا البلايا والرزايا، الكبائر الصغائر،لغدرات والفجرات، الإثم والعدوان ، الكذب والبهتان ،الغيبة والنميمة، السرقة والاختلاس، الربا والرشا، لنظرة واللمسة، التحسس والتجسس.
وإذا كان 





أحد يظن أنه قدم صحيفة بيضاء نقية، فآن له أن يستريح الآن، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صاحب أفضل صحيفة تعرض على الله، كان يصوم شعبان إلا قليلا، متوسلا بذلك إلى ربه أن يقبل منه ما قدم من جهاد ودعوة وعبادة . يقول الله عز وجل : " وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون/60]
{ والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ } أي يعطون ما أعطوا من الصدقات { وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } خائفة من أن لا يقبل منهم وأن لا يقع على الوجه الائق فيؤاخذوا به .
وينظر الله إلى صاحب هذه الصحيفة برحمته مشفقا وحانيا، عساه يجد منه في هذه اللحظات....اللحظات الأخيرة ، لحظات العرض الأخير ، عساه يجد ألما يعتصره على ما قدم ، أو أسفا على ما فرط، أو ندما على ما أسلف، يريد سبحانه أن يستنقذه،ويمحو عنه هذه البلايا والرزايا بتوبة.
فكيف يحب العبد أن يجده ربه في هذه اللحظات ، التي يبحث له فيها عن درجات الرأفة والرحمة ؟ هل يحب أن يجده سادرا على نفس سيرته الأولى، فلا يجد منه ندما ولا توبة ولا أسفا، فحينئذ لا يترك لنفسه من عذر فلا يبقى إلا أن يؤاخذه الله بعدله.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يستشعر خطورة عرض أعمال السنة كلها على الله الآن، ويخشى أن ترد عليه أعماله ، وهي كلها عبادة ودعوة وجهاد، صدقة وذكر وقيام، شفقة وحنو وإكرام، تبتل وخشوع وإحسان، فيخشى أن يرد عليه هذا فيتوسل إلى ربه بعمل صالح عساه يقبل ويثيب ويعفو ويغفر
إنها الأيام الأخيرة من شهر شعبان ....إنها اللحظات الأخيرة في صحيفة الإنسان

AhMaD

كافة الحقوق محفوظة 2012 © http://www.blog.3rbroom.com/ مدونة الوطن العربي